صورة أرشيفية
صورة أرشيفية


قصص وعبر| التُربي.. والابنة المنحرفة

علاء عبدالعظيم

الثلاثاء، 17 مارس 2020 - 11:00 م

رغبة جامحة عصفت بها، وثورة من الرغبات، وتسلط الحرمان للبحث عن إشباع مباح، والوصول إلى حياة الترف والغنى، هكذا كان حال الفتاة ابنة ال_١٨ عاما، والتي لم تكن تعلم بأنها ستقع ضحية أبيها الذي ماتت عواطفه جميعا، ودفنها، وجري في عروقه دم يحمل غضبا وحنقا، بعدما تردد على سمعه أن ابنته منحرفة، وتعمل في الملاهي الليلية، والذي لم يكن يعلم أيضا بأن التُربي سوف يكشف عن جريمته.


ثلاثة أشهر عاشها الأب يشعر وكأن شيئ داخله يهب كالعاصفة تقطع من نفسه جذور الأمل، وغمامة من اليأس المرير تزحف إلى صدره فتطمس أحلامه، وتملكته الحيرة يريد أن يبكي بعد أن فقد الأمل في عودة ابنته التي تركت المنزل، ولم يجد بصيص أمل في العثور عليها، فما كان منه إلا أن توجه إلى قسم شرطة كرداسة وتقدم ببلاغ يفيد بتغيبها.

 

مرت عليه الأيام يضيق صدره مما احتبس فيه، ولم ترى عينه النوم خوفا، وقلقا عليها، وتردد على مسامعه بأنها تعمل بالملاهي الليلية، وأصبحت منحرفة،  وفي أحد الأيام انتفض من فوق مقعده تتسارع دقات قلبه حيث الابنة عادت إليه، وفي لمح البصر تبدلت ملامح وجهه تحمل غضبا، وحنقا، فبدلا من أن يحتويها، ويغفر لها إلا أنه لبس عباءة إبليس وأصبح مغلق الفهم والضمير، وجذبها من شعر رأسها، وشل حركتها، وأخذ يسدد لها الضربات والركلات في أنحاء متفرقة من جسدها، وصم أذنيه عن سماع صرخاتها، وقام بتقييدها، واحتجزها داخل إحدى الغرف لمدة ١٥ يوما، دون طعام أو شراب، وأصابتها حالة من الإعياء الشديد، ولم تجد منه عقب عودته غير السب والإهانات والاعتداء عليها بالضرب المبرح، وبصوت ضائع يجأر بالشكوى، والمرارة تكتمها بين جوانحها تتوسل إليه أن يرحمها، وتعلو وجهها مسحة من الحزن الدفين تنظر إليه بين الحين والآخر بنظرات استعطاف، وكأنها استأذنت أن يفك وثاقها، حتى أصبحت نظراتها كنظرات سقيم يرى الحياة من وراء نقاب الموت، تئن أنينا خافتا لا يتجاوز صدرها، وعيناها مرهقتين غائرتين، وجسدها الهزيل يوشك أن يذوب ويتلاشى من شدة التعب، والآلام، فلم تجد منه غير السب، والاعتداء عليها بالضرب مرات ومرات، حتى لفظت أنفاسها الأخيرة وماتت متأثرة بجراحها.


عقدت المفاجأة لسان الأب، ولم يعد قادرا على النطق من شدة الفزع والاضطراب، ينظر إليها وهو مشدوه غير مصدق، فابنته أصبحت جثة هامدة دون حراك.


أخذت تدق رأس الأب أفكار سوداء للبحث عن حيلة يخفي بها جريمته حتى هداه تفكيره، وتوجه إلى التُربي المسئول عن مقابر العائلة، وبدموع التماسيح يتوسل إليه ويطلب مساعدته في دفن ابنته دون تصريح، واتهامه لها بأنه منحرفة، وأنه غسل عاره بيده.

 

علت الدهشة، وتعاظمت على وجه التُربي يجول بخاطره الذنب الذي سوف يثقل كاهله أمام الخالق عز وجل، والمسئولية القانونية، فما كان منه إلا أن قام للإبلاغ عن الأب، وتوجهت قوة من رجال مباحث قسم شرطة كرداسة، وتمكنوا من القبض على الأب الذي اعترف بجريمته، بينما ترقد الفتاة داخل الغرفة جثة هامدة يعلو وجهها وجسدها الزرقة الداكنة، والكدمات في جميع أنحاء جسدها.


وصرحت نيابة حوادث شمال الجيزة بدفن جثة الفتاة بعد العرض على الطب الشرعي، وقررت حبس الأب القاتل ٤ أيام على ذمة التحقيقات.


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة